الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **
وفيها مرتبتان المرتبة الأولى ما يكتب في قطع الثلث بالمجلس السامي بالياء مفتتحاً بالحمد لله وبذلك يكتب لشيخ الشيوخ بالشام وهو شيخ الخانقاه الصلاحية المسماة بالشميصاتية وهذه نسخة توقيع بذلك وهي: الحمد لله الذي اختار لعمارة بيوته أولياء يحبونه ويحبهم وأصفياء حفهم برحمته فاجتهدوا في طاعته فازداد قربهم وأتقياء زهدوا في الدنيا وأبدلوا الفاني بالباقي وطاب في مورد الصفاء شربهم. نحمده حمد من جعل حب الله دثاره وملابس التقوى شعاره ونشكره والشكر لمزيد النعم أمارة وللقلوب الداثرة عمارة ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مخلصٍ في التوحيد يتبوأ بها جنان الخلد ويخلص من سماع قول جهنم: هل من مزيد ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي أسرى به إلى حضرة أنسه وحظيرة قدسه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين منهم من سبق الأمة بشيءٍ وقر في صدره ومنه من دلت واقعة سارية على علو شأنه ورفعة قدره صلاةً لا تزال الأرض لها مسجداً ولا يبرح ذكرها مغيراً في الآفاق ومنجداً وسلم تسليماً كثيراً. وبعد فإن أحق من عومل بالتقديم وأجدر من يخص بالتكريم من كان قدره في الأولياء عظيماً وذكره في الآفاق بين أهل المعرفة قديماً وتجريده عن الدنيا مشهوراً وسعيه على قدم الطاعة مشكوراً وشهوده لمقام الكمال مستجلياً واستجلاؤه لمواد الأنس مستملياً فهو في هذه الطائفة الجليلة سري المقدار معروف الصفة في حلية الأولياء ومناقب الأبرار والمتقدم من ولما كان المجلس السامي الشيخي الكبيري العالمي العاملي الأوحدي الزاهدي الورعي الأصيلي الفلاني جلال الإسلام والمسلمين وشرف الصلحاء في العالمين شيخ الشيوخ قدوة السالكين معتقد الملوك والسلاطين أعاد الله تعالى من بركاته: هو المقصود من هذه العبارة والملحوظ بهذه الإشارة - اقتضى حسن الرأي الشريف أن يخص في الدنيا بالتعظيم ويميز في هذه الأمة بالتكريم. فلذلك رسم بالأمر الشريف - لا زال له من جنود الليل جيشٌ لا تطيش سهامه ومن فرسان المحاريب مددٌ لا تزل في ملاقاة الرجال أقدامه - أن يستقر في كذا. فليقابل هذه النعمة بالسرور وليتأثل هذه الفضيلة بحمد الله الشكور وليواظب على وظيفة الدعاء بدوام أيامنا الزاهرة وليستمطر جزيل الفضل من سحائب جودنا الماطرة وليبسط يده في عمل المصالح وليستمر على السعي الحسن والعمل الصالح فإن هذه البقعة مأوى القادم والقاطن وتسمو على أمثالها من المواطن وليكن لأسرارهم موقراً ولأقواتهم المعينة على الطاعة ميسراً والله تعالى يجعل خلواته معمورة وأفعاله مبرورة الاعتماد في ذلك على الخط الشريف. قلت: هذا إن وليها شيخٌ من مشايخ الصوفية على عادة الخوانق. وقد يليها كاتب السر بالشام فيكتب تقليده بكتابة السر في قطع النصف بالمجلس العالي على عادة كتاب السر ويشار في تقليده إلى بعض الألفاظ الجامعة بين المقامين ويضاف إلى ألقاب كتابة السر بعض ألقاب الصوفية المناسبة لهذا المقام. على أنه ربما كتب بولايتها عن نائب السلطنة بالشام لكاتب السر أو غيره.
وهذه نسخة توقيع من ذلك وهي: رسم بالأمر الشريف - لا زالت أوامره تحل القربات محلها ومراسمه تسند الرتب الدينية لمن إذا خصوا بمواقعها كانوا أحق بها وأهلها - أن يرتب فلانٌ في كذا: إذ هو أولى من خص بمواطن العبادة ونص بترفيه الأسرار على التحلي بإفاضة الإفادة ووفر كده على اجتلاء وجوه المعارف من أفق المراقبة وجمع خاطره لاجتناء ثمرة الأنس من أفنان الطاعات النابتة في رياض المحاسبة مع تمسكه بعلوم الشريعة الذي خلص معرفته من الشوائب وأحيا الدجى من اقتبال شبيبة ظلامه إلى أن تشيب منه الذوائب ونفعٍ متعدٍِّ إلى كل طالب فضلٍ وملتمس ودين باهر من مصباح مشكاة العلم والعمل لكل باغي نورٍ ومقتبس. فليستقر شيخاً بالمكان الفلاني: لتعمر أرجاؤه بتهجده وتشرق خلواته بتعبده وتعذب موارده بأوراده وتطلع مجلسه نجوم معرفته البازغة من أفق إيراده ولتغدو هذه البقعة روضة أفكار وقبلة أذكار ومراقي دعوات ومرافيء بركات تستنزل بين صلوات مقبولةٍ وخلوات وليتناول المعلوم المستقر له ترفيهاً لسره وتنزيهاً لفكره وإعانةً على الانقطاع بهذه البقعة التي تتصل به أسباب السعادة في أرجائها وتخصيصاً لها منه بإمام تقىً لو كان لبقعةٍ أن تجتني بركته لكان منتهى رجائها وليرفع من الأدعية الصالحة لأيامنا المباركة ما لا تزال مواطن القبول لنفحاته المترقبة متلقية وما لا تبرح النفوس لخشيته المانعة متوقية والاعتماد على الخط الشريف أعلاه حجةٌ بمقتضاه. قلت: هذا إن كتب عن الأبواب السلطانية وإلا فالغالب كتابة ذلك عن نائب السلطنة بالشام.
وقد تقدم في المقالة الثانية: أن لدمشق أربع صفقات وهي: الغربية والشرقية والقبلية والشمالية. فأما الصفقة الغربية: وهي المعبر عنها بالساحلية والجبلية على ما تقدم فيها ففيها من وظائف أرباب السيوف عدة وظائف وتولي فيها الأبواب السلطانية. منها - نيابة القدس. وقد تقدم أنها كانت في الزمن المتقدم ولاية صغيرةً يليها جندي ثم استقرت نيابة طلبلخاناه في سنة سبع وسبعين وسبعمائة وأن العادة جرت أن يضاف إليها نظر الحرمين: حرم الخليل عليه السلام وحرم القدس والذي يكتب له مرسومٌ في قطع الثلث بالسامي بالياء. ومنها - نيابة قلعة الصبيبة. وقد تقدم أنها من أجل القلاع وأمنعها وأنه كان يليها نائبٌ مفرد من أجناد الحلقة أو مقدميها عن نائب دمشق ثم أضيفت إلى والي بانياس ثم استقرت في سنة أربع عشرة وثمانمائة في الدولة الناصرية فرج نيابةً. ومنها - نيابة قلعة عجلون. وقد تقدم أنها على صغرها حصنٌ حصينٌ مبنيةٌ على جبل عوف بناها أسامة بن منقذ أحد أمراء السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب في سلطنة العادل أبي بكر وأنه كان مكانها راهبٌ اسمه عجلون فسميت به. ثم استقرت في الدولة الناصرية فرج في سنة أربع عشرة وثمانمائة إمرة طبلخاناه. وقد تقدم أول هذا القسم ما يكتب للمقدمين وما يكتب للطبلخاناه وما يكتب للعشرات. أما أرباب الوظائف الدينية. فمنها - مشيخة الخانقاه الصلاحية بالقدس. وتوقيعها يكتب في قطع الثلث مفتتحاً بالحمد لله. ومنها - مشيخة حرم الخليل وتوقيعها في العادة يكتب مفتتحاً برسم. وأما الصفقة القبلية فالتي يولى بها من الأبواب السلطانية نيابة صرخد. وقد تقدم في الكلام على ترتيب المملكة الشامية أنه قد يجعل فيها من يقرب من رتب السلطنة وحينئذ: فإن وليها مقدم ألفٍ كان مرسومه في قطع النصف بالمجلس العالي وإن وليها أمير طبلخاناه كان مرسومه في قطع النصف أيضاً بالسامي بالياء. وأما الصفقة الشرقية فالنيابات بها على طبقتين: الطبقة الأولى ما يكتب به مرسومٌ شريفٌ في قطع النصف وهو ما يليه مقدم ألفٍ أو طبلخاناه وفيها نيابات النيابة الأولى - نيابة حمص. وقد تقدم أنها كانت نيابةً جليلةً كان يليها في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون مقدم ألفٍ وأنه ذكر في التثقيف أنها صارت الآن طبلخاناه. وحينئذ: فإن كان بها مقدم ألفٍ كان مرسومه في قطع النصف بالمجلس العالي وإن كان طبلخاناه كان مرسومه في قطع الثلث بالمجلس السامي بالياء. وهذه نسخة مرسومٍ شريفٍ بنيابة السلطنة بحمص: الحمد لله مقدر كل أجلٍ إلى حين ومقرر أمور الممالك في عباده الصالحين الذي جعل بنا نحمده على اختيارٍ لا يصل إليه قدح القادحين ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نكون بها في غمرات الحروب على السوابح سابحين ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله أكرم المانحين وأعظم الفاتحين وأشرف من ولى الأعمال الكفاة الوفاة المكافحين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً لا تزال فيها الحفظة على أعمالنا مماسين ومصابحين وسلم تسليماً كثيراً. وبعد فإن مراسيمنا الشريفة وإن تأخر وقتها إلى أجلٍ معدود وأمدٍ ممدود ومضت أيامٌ وليالٍ ولها بابٌ مسدود وعملٌ سببه غير مشدود - فإنا كالسيف يتلاهى إذا صمم لا يرجع وكالغمام تتمادى مدد مده ثم يجود فلا يقلع ولم نزل منذ فوض الله أمور بلاده إلينا وصرف أمور جمهور عباده بيدينا نرى أن نحمي غاباتها بأشد الأسود ونرمي غاياتها بمن هو لأمرٍ ما يسود ونحوط جنباتها بمن لا يستبيح حرمه إلا الوفود ونحط ركائب رعاياها منه على من هو المقصود وننيب إلى ما يترجح من مصالحهم لدينا ونستنيب لمن يترجى الحسنى إذا عرضت متجددات أمورهم علينا وإذا انفرد بحكم لا يظن إلا أنه بمسمع من أذنينا ومرأىً من عينينا لأن نواب الممالك الشريفة فروع عدلنا الشريف ونحن أصلها وأسباب إحسانٍ بأوامرنا المطاعة قطعها ووصلها. وكانت حمص المحروسة من أكبر الممالك القديمة والمدن العظيمة تغرق الأقاليم في مدها وتمتد عساكرها فتعد حماة حماة من جندها وهي من الشام المحروس في ملتقى مواكبه ومجر عواليه ومجرى سوابقه ومجمع كتائبه طالما كان بها الحرب سجالاً وطالما سابقت بها الرجال آجالاً وكان لنا بها في الحرب يومان عوضنا الله أدناهما بما حفظت المعارك وضاقت الأرض بدماء القتلى ففاض إلى السماء ما التقى بالشفق من تلك المسالك واتصلت بالبر والبحر من جانبيها واتصفت بأنها مهب الرياح ومركز الرماح لما يهب لنا من بشرى النصر ويخفق من عصائبنا المنصورة عليها. فلما تطاول الأمد على خلوها ممن ينوب عن السلطنة الشريفة في أحكامها ويؤوب إلى تسديد مرامي سهامها لم تزل آراؤنا العالية تجول فيمن يصلح أن يقدم قدمه إلى رتبتها العلية ويجرد منها عزائمه المشرفية ويجمع بها على طاعتنا الشريفة من فيها من العساكر المنصورة والقبائل المشهورة والطوائف المذكورة ويبسط بساط العدل في كافة جنودها ورعاياها فإنها بهؤلاء محروسةٌ وبهؤلاء معمورة - فرأينا أن أولى من حكم في عاصيها والمطيع واتخذ لسوريا السور المنيع من هو الموثوق بما أمضت السيوف من هممه وأرضت التجارب من سوابق خدمه وطارت سمعة شكره في الآفاق وطابت أثنيته فجاءت بما يعرف من الطرب لإسحاق وكان قد تقدمت له في عينتاب نيابةٌ كم أصابه فيها رجلٌ بالعين ثم إنه من العين تاب وقام بين أيدي كفلاء ممالكنا الشريفة حاجباً وفهم من أحكامهم التي تلقوها منا ما أصبح لها صاحباً فما للنيابة إحكام أحكام إلا وهو به عالم ولا تولية حكم إلا وقد استحقها لقرب ما بين الحاجب والحاكم. وكان فلانٌ هو المرتضى للبس هذه المفاخر والمنتظر الذي كم ترك الأول فيه للآخر - فاقتضت مراسيمنا المطاعة أن يزان جيده بهذا التقليد وتلقى إليه المقاليد وتمد يد هذه الرتبة لتلقيه وتخضع عنق هذه المرتبة لترقيه وتحول إليه هذه النعمة التي ألحقت قدره بالأكفاء وأهلت هممه للاكتفاء وشرفت مكانه بما أجمعت عليه آراؤنا الشريفة له من الاصطفاء وأحسنت به الظن لما رأت نيته الجميلة ممثلةً من خاطره في مرآة الصفاء. فرسم بالأمر الشريف - لا زال مرفوعاً به كل علم ممنوعاً به حمى كل حرم - أن تفوض إليه نيابة السلطنة الشريفة بحمص المحروسة وأعمالها وجندها وعمالها وعساكرها وعشائره وعامرها وغامرها وأولها وآخرها ودانيها وقاصيها وكل ما في حدودها الأربعة وداخلٍ في جهاتها الممنعة على أكمل ما جرت به عوائد من تقدمه واستقرت عليه القواعد المتقدمة. فاتق الله في أمورك واجعل الشرع الشريف مشكاة نورك وعظم حكامه ونفذ أحكامه فهم أمنع سورك واعدل فهو قرار خواطر جمهورك وتيقظ لسداد ثغورك وارفق لتطلق به نطق نطاق شكورك وأقم الحدود فإنها زيادةٌ في أجورك. وأما العساكر المنصورة فجمل بهم في خدمتنا الشريفة مواكبك وكمل بعزائمهم مضاربك ولا تستخدم منهم إلا من يسرك أن تراه في يوم العرض وتعقد هوادي جياده السماء بالأرض واحم أطراف بلادك من عادية الرجال واحفظ جانبيها من تخطف الغارات فسر قيامها لا يدفعه غير احتيال واهتم بالجهاد تحت صناجقنا المنصورة لأعداء الله متى أجمعوا وضرسهم بأنياب أسنتك فأنت صاحب العصا وهي تتلقف ما صنعوا وعمر بلادها بملاحظتك الجميلة ونم أمورها فهي قوام الجنود وهم إلى الثقة في النصر الوسيلة وسارع إلى ما ترد به مراسمنا الشريفة عليك لنهديك إلى صراطٍ مستقيم وعجل البريد فإنك تعلم به ما لست بعليم وبقية الوصايا لا حاجة إليها لما تعرفه من قديم والله تعالى يمتعك بكل خلق كريم والخط الشريف أعلاه. النيابة الثانية - نيابة الرحبة. وهذه نسخةٌ بنيابتها: الحمد لله الذي أمدنا بنصره وشمل بجود سلطاننا أهل عصره وأيده بجنودٍ أولها متصلٌ بأول عراقه وآخرها بآخر مصره وفرق بسهامه الأعداء في حواصل الطير بين حضنه وخصره. نحمده حمداً يقوم بشكره ويحافظ على حسن ذكره ويستعاذ به إلا مما يدمر على العدا من عواقب مكره ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً ترغم من جادله بكفره وتمزقه بين كل ناب سيف وظفره ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله أرسله مقيماً لأمره ومديماً في الجهاد لإعمال بيضه وسمره صلى الله عليه وعلى آله وصحبه حملة سره ونقلة هديه بأسره صلاةً باقيةً في الوجود بقاء دهره راقيةً ارتقاء زهره. وبعد فإن الثغور بسدادها والبحور بأمدادها والنحور لا تحلى بأحسن من حلية نجادها والممالك المحروسة لا تحرس إلا بشهب خرصانها ولا تسقى بأنقع مما تطله من الدماء سحب فرسانها والفرات لا تحمى مواردها إلا بأمثال سيوفها القواضب ولا تمنع مخاوضها إلا بدمٍ خاضب والحصون لا يرضى بها كل منجنيق غضبان إلا بوصال مغاضب والقلاع لا تتطلع عيون ديادبها إلا لمن ماء الكرى في جفونه ناضب والمعاقل لا تسمح بعقائلها إلا لمن هو على خطبتها مواظب وكانت الرحبة - حرسها الله تعالى - هي أويسع مكان رحابا وأدنى إلى مطرٍ سحابا وأوثق ما أغلق على البلاد بابا وأقرب ما سمع حراسها في السماء دعاءً مجابا قد ملئت سماؤها حرساً شديداً وشهباً ومدت كواكب الدلو واستقت من الغمام قلباً وعدت ما وراء المجرة فعميت دونها المسالك وحسبت لملك ونسبت إلى مالك ومالكٌ - لا أعني إلا ابن طوقٍ - خازنها ومنزل أمنٍ وفي غاب الأسد مساكنها وقد وقفت لبغداد في فم المضيق وهمت بلاد العدا أن تخوض الفرات إليها فقالت: ما لك إلي طريق قد افتر في وجه العساكر المنصورة ثغرها الضاحك ورد قرن الشمس فرعها المتماسك. فلما أغمد حسامها المسلول وأقلع غمامها وكل هدبٍ بالبكاء عليه مبلول - اقتضى رأينا الشريف أن نجدد لعروسها زفافا ولبيوتها أفوافا ولسيوفها جلاءً ولسقوفها إعلاءً ونوليها لمن تكون همته فيها جديدة الشباب أكيدة الأسباب ليكون أدعى لمصالحها وأرعى لمناجحها وأوعى لما يجمعه سمعه من مصالحها وأسعى في حماية مماسيها ومصابحها وكان فلانٌ هو أصلب من في كنائننا الشريفة عوداً وأنجز وعوداً وأصدق رعوداً وأيمن إذا طلع نجمه في أفقٍ سعوداً. فرسم بالأمر الشريف أن تفوض إليه نيابة الرحبة المحروسة على عادة من تقدمه وقاعدته فليتول ذلك مقدماً تقوى الله والعمل بما شرع واتباع مراسمنا الشريفة فمثله من اتبع وحماية أطرافها من كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير وصيانة أكنافها من كل عصابة محلقة إلى جوها كالطير وحفظها من عادية كل أفاك وسفاك وبادية أعراب وأتراك وكل فارس فرسٍ وراكب بعير وكل وقفة محاصرٍ وحقطة مغير وجانبي برٍّ وبحرٍ: في أحدهما المسالك تعمى والآخر لا وليتخطف من الأخبار ما تلمع لدينا بوارقه ويتقطف من الأقوال ثمراتها ولا يدع كل ما تجمعه حدائقه وليجعل له من المناصحين طلائع ما منهم إلا من هو في انتهاب الأخبار أبو الغارات ومن إذا ألجمه الخوف كان له في لمع البروق إشارات وليتخذ من الكشافة من يسبق قبل أن يرتد إليه طرفه ومن الخيالة من لا يرتد عن وقذ الرماح طرفه ومن القصاد من لا يطوي عنه خبراً ومن الديادب من يعيره وقل أن تعار العيون نظراً وليحفظ التجار في مذاهبهم غدواً ورواحاً ومساءً وصباحاً وليستوص بهم خيراً فإنهم طالما ازدانت بهم صدور الخزائن على امتلائها انشراحاً وليأخذ منهم ما لبيت المال فكم وجدوا بعطائه أرباحاً وليوصل إلى أرباب القرارات ما لهم من مقررٍ معلوم وليعطه ما تصدقنا به عليهم وهو مشكورٌ وإلا أعطاهم وهو مذموم وليعمر البلاد بتوطين أهل القرى وإنامتها بالعدل ملآنة الجفون من الكرى وليكن للفرات متيقظاً لئلا يطغى بها التيار ويغلب بمدها المخمر على سكرها من السكر الخمار ويقوى على سدها قبل أن لا يقدر على مقاواة البحار ويتفقد مبانيها فإنها من أسنى ما تتفقده الأبصار وليغلق زروعها لتكون:
وهذه نسخة مرسوم بنيابتها: الحمد لله الذي صرف ممالكنا الشريفة في الممالك وشرف بنا كل حصن لا تعرض له المجرة في المسالك وعرف بالتربية في خدمة أبوابنا العالية إلى أين ينتهي السالك. نحمده على نعمه التي نعتد بها الحمد من ذلك ونرغب أن نلقى الله على أداء الأمانة فيها كذلك ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فيما هو مالك ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أضاء به كل حالٍ حالك وأنحى به من مهاوي المهالك وجمع به من الأمة ما وهى وهي كالعق المتهالك صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة يجد بها قائلها في الدار الآخرة كل هناءٍ هنالك وسلم تسليماً كثيراً. وبعد فإن النظر في أمور الممالك هو أول ما يقدمه الملك وأولى ما يتقدم إليه من سلك ومملكة بيت الدعوة هي من أجل ما تفردت به ممالكنا الشريفة وامتدت به في الأماكن المخيفة وأرسلت من قلاعها من يقتلع العدا بوثوبه ويسابق السهم إلى مطلوبه ويتعبد بموالاتنا التي ورثها عن سلفه في طاعة أئمتهم وعلموا بها أن الدولة العلوية ما انقضت حتى انتقلت إلينا الولاية على شيعتهم وأن الملك الإسماعيلي فينا قد انحصر ميراثه وأن كل من مات من الخلفاء الفاطميين - رحمهم الله - نحن وراثه فهم بهذا يبذلون نفوسهم في الطاعة الشريفة التي يرونها فرضاً عليهم ويبلغون بنا أعلى مراتب الإيمان: لأنهم إذا رأوا منكراً أزالوه بيديهم كم هجموا على عدو من أعداء الله هجمة طيف! وكم استطالوا بسكينٍ لا يتطاول إلى مباراتها سيف! وكم أوقدوا لهم بارقة عزمٍ فقيل: هذه سحابة صيف! وكم وردوا بالدماء خداً غدا ينادي: يا كرام الورد ضيف!. وكانت مصياف - حرسها الله تعالى - هي كرسي هذه المملكة وقلعتها هي التي بذوائب الجوزاء متمسكة واقتضت مراسمنا المطاعة نقل النائب بها إلى ما رسمنا به الآن فخلت ممن يترقى فيها إلى أعز مكان واحتاجت إلى من تغنى به عما يقال: من اعتقال رمحٍ فحصل الفكر الشريف فيمن نقلده هذه النيابة ويتقلد أمر هذه العصابة ويتصرف في أمورها بمقتضى ما ترد به مراسمنا المطاعة ويعلم أنه من شيعتنا: لأنه داعينا في هذه الجماعة فرأينا أن أحق الناس بها من قدمه ولاؤه وعظمه انتماؤه ونبه عليه اهتمام هممه التي لا تشابهها الكواكب في سيرها وعزائمه التي طالما كان بها في خدمتنا الشريفة يظل بموماةٍ ويمسي بغيرها ولم تزل به مساعيه حتى وصل إلى المزيد وأسرع له الشيب في طاعتنا الشريفة: لأنه في كل وقتٍ كان يسمع قعقعة لجام البريد وكان فلانٌ هو الذي أشار إليه القول بوصفه ودل عليه ثناؤه بعرفه. فرسم أن تفوض إليه النيابة بمصياف وأعمالها على عادة من تقدمه وقاعدته. فليقدم تقوى الله تعالى فيما وليه ولينشر جناح عدلنا الشريف على من يليه وليعمل بالأحكام الشرعية في كل ما يقضيه وليسلك في أهلها أوضح المراشد وليبين لهم أنه يدعوهم إلى سبيل الرشاد إلا ما ادعاه راشد وليوصل إلى المجاهدين أرزاقهم التي هي أثمان نفوسهم وثمار ما دنى القطاف من رؤوسهم. وأهل من مات أو يموت منهم على طاعتنا الشريفة فكن عليهم متعطفاً ومن طلب منك الإنصاف فكن له منصفاً وافعل معهم أحسن الأسوة وقل لهم عنا: إن الصدقات الشريفة قد استجابت لكم يا أهل الدعوة وخذ بقلوبهم لتزداد من حبهم وقل للمجاهدين: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم " والأموال فصنها من الضياع وعمارة البلاد عليك بها فإن القلعة لا تكون إلا بالمدينة والمدينة لا تكون إلا بالضياع وامتثال مراسمنا الشريفة وكل ما يرسم به سارع إلى اعتماده وطائفة المجاهدين لا تدع منهم إلا من هو معتد لجهاده والكتمان الكتمان! فبه تنال المطالب وتدرك المآرب وعليك بقمع المفسدين وردع المعتدين وإقامة الحدد: فإن بها أقام الله هذا الدين ونحن نغتني بما فيك من المعرفة وبما أنت عليه - بحمد الله تعالى - من كمال كل صفة عن استيعاب الوصايا التي لم تبرح سجاياك بها متصفة والله تعالى يزيدك من كل نوعٍ أشرفه والخط الشريف أعلاه. وأما الصفقة الشمالية فالذي يولى بهذه الصفقة عن الأباب السلطانية نيابة بعلبك فقط. وقد تقدم في الكلام على ترتيب المملكة الشامية أنها كانت أولاً إمرة عشرة ثم صارت طبلخاناه وأن نائب الشام يولي بها وربما وليت من الأبواب الشريفة السلطانية وحينئذ فيكون مرسوم نائبها في قطع الثلث بالمجلس السامي بالياء. وهذه نسخة مرسوم بنيابة بعلبك: أما بعد حمد الله على أملٍ حقق مناه وصدق غناه وفرق عليه سحب اعتناءٍ أورق به عوده وطاب جناه والصلاة والسلام على نبيه سيدنا محمدٍ الذي كمل بناه وعلى آله وصحبه ما شيد معقلٌ فخار مبناه - فإن من أعظم مدن الشام القديمة ودور الملك التي ذهب من يحلها من الملوك وبقيت آثاره مقيمة مدينة بعلبك وهي التي تحصن الإسلام بقلعتها وتحصل الرعب في قلوب الأعداء بمنعتها بنيت على عهد سليمان بن داود عليهما السلام وأتقن بناؤها وهالت أسوارها حتى نسب إلى صنعة الجن بناؤها ودعمت السماء عمدها فطالت شرفها حتى كادت تخضخض في سجل السحاب يدها وجمعت محاسن في سواها لا توجد وتقرر بملكها من الملوك: تارةً سعيداً وتارة أمجد وما خلت من علماء عظيمي الشان وصلحاء يلمهم الجبلان: سيس ولبنان وهي باب دمشق المفتوح وسحاب الأنواء المسفوح بالسفوح وباب البروق التي آلت أنها بأسرارها لا تبوح ومآب السفارة التي تغدو محملةً أوقار ركائبها وتروح ولها العين المسبلة الرواتب والجبال الراسة الوقار لمفرقها الشائب العالية الذرى كأنها متلفعةٌ من قطع السحائب ولما كان من فيها الآن ممن لا تستغني الدولة القاهرة عن قربه ولا تستثني أحداً معه في تجريه سيفه المشهور من قربه أجلنا الرأي في كفءٍ لعروسها ومماثل لمركز تأود غروسها فلم نجد أدرى بأحوالها وأدرب بما يؤلف على الطاعة قلوب رجالها كمن استقر به فيها مع أبيه الماضي - رحمه الله - الوطن ونالا منه الوطر ومرت عليهم فيه سنون وأيامٌ هتف بها داعي قصر ولا غنىً عنه مع ماله من ولاياتٍ صحب فيها الناس وفارقهم على وجهٍ جميل ورافقهم ثم انصرف وانصرفوا عنه وما ذمه في النازلين نزيل وكان فلانٌ هو المتوقد الشهاب المتوقل في تلك الهضاب المشكور قولاً وديناً المشهور بوضع كل شيءٍ في موضعه شدةً وليناً. فلذلك رسم.- لا زال إحسانه أحمد واختياره مقدماً - أن يرتب في نيابة بعلبك على عادة من تقدمه وقاعدته مبتدئاً حسن النظر في الأمور العامة لا يدع ظلامة ولا يدع سالك طريقٍ إلى سلامة ولا يعد سمعاً إلا لسماع شكرٍ لا ملامة ولينظر في المظالم نظراً ينجلي به سدفها وليشكر العشير توطياً يوطأ به هدفها وليلاحظ الأمور الديوانية بما ينمي به أموالها ويندي بسحابه المتدفق أحوالها. والأوقاف فليشارك واقفيها في إحسانهم وليجر حسناتها على ما كانت عليه في زمانهم وليكن لها نعم الكفيل في دوام المحافظة وليتفقد ما فيها من الحواصل والزردخاناه مما يذخر لوقته ويؤخر لفرط الشغف به لا لمقته. ومن أهم ما يحتفظ به قلوب الرجال وعمارة الأسوار فإنها للفرسان المقاتلة مجال وعليها تنصب المجانيق وتتخطف الآجال. وأما الشريعة المطهرة: فإن من تعدى غرق أو أوشك أن يغرق واتباع أوامرها: وإلا ففيم يعذب من يعذب ويحرق من يحرق وتقوى الله تعالى هي الوصية الجامعة والتذكرة التي ترتد بها الأبصار خاشعة وليفهم هذه الوصايا ولا يخرج شيئاً منها من قلبه وليتبين معانيها ليكون بها على بينةٍ من ربه والله تعالى يكشف عنه غطاء حجته ويزعه عما يأخذه ويؤاخذه
ممن يولي عن الأبواب السلطانية - أمراء العربان وهم على طبقتين: الطبقة الأولى من يكتب له منهم تقليدٌ في قطع النصف بالمجلس العالي وهو أمير آل فضل خاصةً: سواءٌ كان مستقلاً بالإمارة أو شريكاً لغيره فيها وقد تقدم في الكلام على ترتيب المملكة الشامية نقلاً عن مسالك الأبصار أن ديارهم من حمص إلى قلعة جعبر إلى الرحبة آخذين على شقي الفرات وأطراف العراق. وهذه نسخة تقليدٍ بإمره آل فضل: كتب به للأمير شجاع الدين فضل بن عيسى عوضاً عن أخيه مهنا عندما خرج أخوه المذكور مع قرا سنقر الأفرم ومن معهما من المستحبين وأقام هو بأطراف البلاد ولم يفارق الخدمة في شهور اثنتي عشرة وسبعمائة من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي وهو: الحمد لله الذي منح آل فضل في أيامنا الزاهرة بحسن الطاعة فضلاً وقدم عليه بقديم الإخلاص في الولاء من أنفسهم شجاعاً يجمع لهم على الخدمة ألفةً وينظم لهم على المخالصة شملاً وحفظ عليهم من إعزاز مكان بيتهم لدينا مكانةً لا تنقض لها الأيام حكماً ولا تنقص لها الحوادث ظلاً. نحمده على نعمه التي شملت ببرنا الحضر والبدو وألهجت بشكرنا ألسنة العجم في الشدو والعرب في الحدو وأعملت في الجهاد بين يدينا من اليعملات ما يباري بالنص والعنق الصافنات في الجنب والعدو ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً ندرأ بها الأمور العظام ونقلد بيمنها ما أهم من مصالح الإسلام لمن يجري بتدبيره على أحسن نظام ونشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث من أعلى ذوائب العرب وأشرفها الرجو الشفاعة العظمى يوم طول عرض الأمم وهول موقفها صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كرمت بالوفاء أنسابهم وأضاءت بتقوى الله وجوههم وأحسابهم صلاةً لا تزال الألسن تقيم نداءها والأقلام ترقم رداءها وسلم تسليماً كثيراً. وبعد فإن أولى من أجنته الطاعة ثمرة إخلاصه ورفعته المخالصة إلى أسنى رتب تقريبه واختصاصه وألف بمبادرته إلى الخدمة الشريفة قلوب القبائل وجمع شملها وقلده حسن الوفاء من أمر قومه وإمرتهم ما يستشهد فيه بقول الله تعالى: هو الذي حاز من سعادة الدناي والآخرة بحسن الطاعة ما حاز وفاز من برنا وشكرنا بجميل المبادرة إلى الخدمة بما فاز وعلم مواقع إحساننا إليه فعمل على استدامة وبلها واستزادة فضلها والارتواء من معروفها الذي باء بالحرمان منه من خرج عن ظلها مع ما أضاف إلى ذلك: من شجاعةٍ تبيت منها أعداء الدين على وجل ومهابةٍ تسري إلى قلوب من بعد من أهل الكفر سرى ما قرب من الأجل - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نمد على أطراف الممالك المحروسة منه سوراً مصفحاً بصفاحه مشرفاً بأسنة رماحه. فرسم بالأمر الشريف العالي - لا زال يقلد وليه فضلاً ويملأ ممالكه إحساناً وعدلاً - أن يفوض إليه كيت وكيت: لما تقدم من أسباب تقديمه وأوميء إليه من عنايتنا بهذا البيت الذي هو سر حديثه وقديمه ولعلمنا بأولويته التي قطبها الشجاعة وفلكها الطاعة ومادتها الديانة والتقى وجادتها الأمانة التي لا تستزلها الأهواء ولا تستفزها الرقى. وليكن لأخبار العدو مطالعاً ولنجوى حركاتهم وسكناتهم على البعد سامعاً ولديارهم كل وقت مصبحاً حتى يظنوه من كل ثنيةٍ عليهم طالعاً وليدم التأهب حتى لا تفوته من العدو غارةٌ ولا غرة ويلزم أصحابه بالتيقظ لإدامة الجهاد الذي جرب الأعداء منه مواقع سيوفهم غير مرة وقد خبرنا من شجاعته وإقدامه وسياسته في نقض كل أمرٍ وإبرامه ما يغني عن الوصايا التي ملاكها تقوى الله تعالى وهي من سجاياه التي وصفت وخصائصه التي ألفت وعرفت فليجعلها مرآة ذكره وفاتحة فكره والله تعالى يؤيده في سره وجهره بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى. وهذه نسخة مرسومٍ شريفٍ بإمرة آل فضل كتب بها للأمير حسام الدين مهنا بن عيسى من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي وهي: الحمد لله الذي أهرف حسام الدين في طاعتنا بيد من يمضي مضاربه بيديه وأعاد أمر القبائل وإمرتهم إلى من لا يصلح أمر العرب إلا عليه وحفظ رتبة آل عيسى باستقرارها لمن لا يزال الوفاء والشجاعة والطاعة في سائر الأحوال منسوباتٍ إليه وجعل حسن العقبى بعنايتنا لمن لم يتطرق العدو إلى أطراف البلاد المحروسة إلا ورده الله تعالى بنصرنا وشجاعته على عقبيه. نحمده على نعمه التي ما زالت مستحقةً لمن لم يزل المقدم في ضميرنا المعول عليه في أمور الإسلام وأمورنا المعين فيما تنطوي عليه أثناء سرائرنا ومطاوي صدورنا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً توجب على قائلها حسن التمسك بأسبابها وتقتضي للمخلص فيها بذل النفوس والنفائس في المحافظة على مصالح أربابها وتكون للمحافظ عليها ذخيرةً يوم تتقدم النفوس بطاعتها وإيمانها وأنسابها ونشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث من أشرف ذوائب العرب أصلاً وفرغاً المفروضة طاعته على سائر الأمم ديناً وشرعاً المخصوص بالأئمة الذين بثوا دعوته في الآفاق على سعتها ولم يضيقوا لجهاد أعداء الله وأعدائه ذرعاً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين حازوا بصحبته الرتب الفاخرة وحصلوا بطاعة الله وطاعته على سعادة الدنيا والآخرة وعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف فلم يزحزحهم عن ظلها الركون إلى الدنيا الساخرة صلاةً تقطع الفلوات ركائبها وتسري بسالكي طرق النجاة نجائبها وتنتصر بإقامتها كتائب الإسلام ومواكبها وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد فإن أولى من تلقته رتبته التي توهم إعراضها بأيمن وجه الرضا واستقبلته مكانته التي تخيل صدودها بأحسن مواقع القبول التي تضمنت الاعتداد من الحسنات بكل ما سلف والإغضاء من الهفوات عما مضى وآلت إليه إمرته التي خافت العطل منه وهي به حالية وعادت منزلته إلى ما ألفته لدينا: من مكانةٍ مكينةٍ وعرفته عندنا: من رتبةٍ عالية - من أمنت شمس سعادته في أيامنا من الغروب والزوال ووثقت أسباب نعمه بأن لا يروع مريرها في دولتنا بالانتفاض ولا ظلالها بالانتقال وأغنته سوابق طاعته المحفوظة لدينا عن توسط الوسائل واحتجت له مواقع خدمه التي لا تجحد مواقفها في نكاية الأعداء ولا تنكر شهرتها في القبائل وكفل له حسن رأينا فيه بما حقق مطالبه وأحمد عواقبه وحفظ له وعليه مكانته ومراتبه فما توهم الأعداء أن برقه خبا حتى لمع ولا ظنوا أن ودقه أقلع حتى همى وهمع ولا تخيلوا أن حسامه نبا حتى أرهفته عنايتنا فحيثما حل من أوصالهم قطع وكيف يضاع مثله وهو من أركان الإسلام التي لا تنزل الأهواء ولا ترتقي الأطماع متونها ولا تستقل الأعداء عند جهادها واجتهادها في مصالح الإسلام حسبها ودينها. ولما كان المجلس العالي. هو الذي لا يحول اعتقادنا في ولائه ولا يزول اعتمادنا على نفاذه في مصالحنا ومضائه ولا يتغير وثوقنا به عما في خواطرنا من كمال دينه وصحة يقينه وأنه ما رفعت بين يدينا راية جهادٍ إلا تلقاها عرابة عزمه بيمينه فهو الولي الذي حسنت عليه آثار نعمنا والصفي الذي نشأ في خدمة أسلافنا ونشأ بنوه في خدمنا والتقي الذي يأبى دينه إلا حفظ جانب الله في الجهاد بين يدي عزيمتنا وأمام هممنا - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نصرح له من الإحسان بما هو في مكنون سرائرنا ومضمون ضمائرنا ونعلن بأن رتبته عندنا بمكانٍ لا تتطاول إليه يد الحوادث ونبين أن أعظم أسباب التقدم ما كان عليه من عنايتنا وامتناننا أكرم بواعث. فلذلك رسم أن يعاد إلى الإمرة على أمراء آل فضل ومشايخهم ومقدميهم وسائر عربانهم ومن هو مضافٌ لهم ومنسوبٌ إليهم على عادته وقاعدته. فليجر في ذلك على عادته التي لا مزيد على كمالها ولا محيد عن مبدئها في مصالح الإسلام ومآلها آخذاً للجهاد أهبته من جمع الكلمة واتحادها واتخاذ القوة وإعدادها وتضافر الهمم التي ما زال الظفر من موادها والنصر من أمدادها وإلزام أمراء العربان بتكميل أصحابهم وحفظ مراكزهم التي لا تسد أبوابها إلا بهم والتيقظ لمكايد عدوهم والتنبه لكشف أحوالهم في رواحهم وغدوهم وحفظ الأطراف التي هم سورها من أن تسورها مكايد العدا وتخطف من يتطرق إلى الثغور من قبل أن يرفع إلى أفقها طرفاً أو يمد على البعد إلى جهتها المصونة يداً وليبث في الأعداء من مكايد مهابته ما يمنعهم القرار ويحسن لهم الفرار ويحول بينهم وبين الكرى لاشتراك اسم النوم وحد سيفه في مسمى الغرار. وأما ما يتعلق بهذه الرتبة من وصايا قد ألفت من خلاله وعرفت من كماله فهو ابن بجدتها وفارس نجدتها وجهينة أخبارها وحلبة غايتها ومضمارها فيفعل في ذلك كله ما شكر من سيرته وحمد من إعلانه وسريرته وقد جعلنا في ذلك وغيره من مصالح إمرته أمره من أمرنا: فيعتمد فيه ما يرضي الله تعالى ورسوله ويبلغ به من جهاد الأعداء أمله وسوله والله الموفق بمنه وكرمه! والاعتماد.
- من يكتب له مرسومٌ شريفٌ وهم على مرتبتين المرتبة الأولى من يكتب له في قطع النصف وهم ثلاثة الأول - أمير آل علي ورتبته السامي بالياء. وقد تقدم أن منازلهم مرج دمشق وغوطتها بين إخوانهم آل فضل وبني عمهم آل مراء ومنتهاهم إلى الجوف والحيانية إلى الشبكة إلى تيماء إلى البراذع. وأنه ذكر في التعريف: أنهم إنما نزلوا غوطة دمشق حيث صارت الإمرة إلى مهنا بن عيسى. وهذه نسخة مرسومٍ شريفٍ بإمرة آل علي كتب به للأمير عز الدين جماز بعد وفاة والده محمد بن أبي بكر من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله وهي: الحمد لله الذي أنجح بنا كل وسيلة وأحسن بنا الخلف عمن قضى في طاعتنا الشريفة سبيله ومضى وخلى ولده وسيلة وأمسك به دمعة السيوف في خدودها الأسيلة وأمضى به كل سيفٍ لا يرد مضاء مضاربه بخيلة وأرضى بتقليده كل عنق وجمل كل جميلة. نحمده على كل نعمةٍ جزيلة وموهبةٍ جميلة ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً ترشد من اتخذ فيها نجوم الأسنة دليله وتجعل أعداء الله بعز الدين ذليلة وأن محمداً عبده ورسوله الذي أكرم قبيله وشرف به كل قبيلة وأظهر به العرب على العجم وأخمد من نارهم كل فتيلة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاةً بكل خيرٍ كفية وسلم تسليماً كثيراً. وبعد فإن دولتنا الشريفة لما خفق على المشرق والمغرب جناحها وشمل البدو والحضر سماحها ودخل في طاعتها الشريفة كل راحلٍ ومقيم في الأقطار وكل ساكن خيمةٍ وجدار - ترعى النعم بإبقائها في أهلها وإلقائها في محلها مع ما تقدم من رعايةٍ توجب التقديم وتودع بها الصنائع في بيتٍ قديمٍ وتزين بها المواكب إذا تعارضت جحافلها وتعارفت شعوبها وقبائلها واستولت جيادها على الأمد وقد سبقت أصائلها وتداعت فرسانها وقد اشتبهت مناسبها ومناصبها ومناصلها وكانت قبائل العربان ممن تعمهم دعوتنا الشريفة وتضمهم طاعتنا التي هي لهم أكمل وظيفة ولهم النجدة في كل باديةٍ وحضر وإقامةٍ وسفر وشامٍ وحجاز وإنجادٍ وإنجاز ولم يزل لآل عليٍّ فيهم أعلى مكانة وما منهم إلا من توسد سيفه وافترش حصانه وهم من دمشق المحروسة رديف أسوارها وفريد سوارها والنازلون من أرضها في أقرب مكان والنازحون ولهم إلى الدار بها أقطار وأوطان قد أحسنوا حول البلاد الشامية مقامهم واستغنوا عن المقارعة على الضيفان لما نصبوا بقارعة الطريق خيامهم وباهوا كل قبيلةٍ بقومٍ كاثر النجوم عديدهم وأوقدوا لهم في اليفاع ناراً إذا همى القطر شبتها عبيدهم وهم من آل فضلٍ حيث كان عليها وحديث في المسامع حليها فلما انتهت الإمرة إلى الأمير المرحوم شمس الدين محمد ابن أبي بكر رحمه الله - جمعهم على دولتنا القاهرة وأقام فيهم يبتغي بطاعتنا الشريفة رضا الله والدار الآخرة ثم أمده الله من ولده بمن ألقى إليه همه وأمضى به عزمه وكان الذي يتحمل دونه مشتقات أمورهم ويتلقى شكاوى آمرهم ومأمورهم ويرد إلى أبوابنا العالية مستمطراً لهم سحائب نعمنا التي أخصب بها مرادهم وساروا في الآفاق ومن جدواها راحلتهم وزادهم وتفرد بما جمعه من أبوته وإبائه وركز في كل أرضٍ مناخ مطيه ومرسى خبائه وضاهى في المهاجرة إلى أبوابنا الشريفة النجوم في السرى وحافظ على مراضينا الشريفة فما انفك من نار الحرب إلا إلى نار القرى وورد عليه مرسومنا الشريف فكان أسرع من السهم في مضائه. كم له من مناقب لا يغطي عليها ذهب الأصيل تمويهاً! وكم تنقل من كورٍ إلى سرجٍ ومن سرج إلى كورٍ فتمنى الهلال أن يكون لهما شبيهاً! كما أجمل في قومه سيرة! وكم جمل سريرة! كم أثمر لها أملاً! وكم أحسن عملاً! كم سد خللاً! كم جمع في مهماتنا الشريفة كل من امتطى فرساً وركب جملاً! كم صفوفٍ به تقدمت وسيوفٍ أقدمت وحتوفٍ حمائم الحمائم بها على الأعداء ترنمت!!. وكان المجلس السامي الأميري الأجلي الكبيري المجاهدي المؤيدي العضدي النصيري الأوحدي المقدمي الذخري الظهيري الأصيلي مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين همام الدولة حسام الملة ركن القبائل ذخر العشائر نصرة الأمراء والمجاهدين عضد الملوك والسلاطين جماز بن محمد أدام الله نعمته -: هو المراد بما تقدم والأحق بأن يتقدم والذي لو أن الصباح صوارم والظلام جحافل لتقدم فلما مات والده رحمه الله نحا إلى أبوابنا العالية ونور ولائه يسعى بين يديه ووقف بها: وصدقاتنا الشريفة ترفرف عليه فرأينا أنه بقية قومه الذين سلفوا وخلف آبائه الذين عن زجر الخيل ما عزفوا وكبيرهم الذي يعترف له والدهم ووليدهم وأميرهم الذي به ترعى عهودهم وشجرتهم التي تلتف عليه من أنسابهم فروعها وفريدهم الذي تجتمع عليه من جحافلهم جموعها. فرسم بالأمر الشريف أن تفوض إليه إمرة آل علي: تامةً عامة كاملةً شاملة يتصرف في أمورهم وآمرهم ومأمورهم قرباً وبعداً وغوراً ونجداً وظعناً وإقامة وعراقاً وتهامة وفي كل حقيرٍ وجليل وفي كل صاحب رغاءٍ وثغء وصرير وصليل على أكمل عوائد أمراء كل قبيلة وفي كل أمورهم الكثرة والقليلة. ونحن نأمرك بتقوى الله فيها صلاح كل فريق وإصلاح كل رفيق ونجاح كل سالكٍ في طريق. والحكم: فليكن بما يوافق الشرع الشريف والحقوق: فخلصها على وجه الحق من القوي والضعيف والرفق بمن وليته من هذا الجم الغفير والجمع الكبير وإلزام قومك بما يلزمهم من طاعتنا الشريفة التي هي من الفروض اللازمة عليهم والقيام في مهماتنا الشريفة التي تبرز بها مراسمنا المطاعة إليك وإليهم وحفظ أطراف البلاد والذب عن الرعايا من كل طارق يطرقهم إلا بخير والمسارعة إلى ما يرسم لهم به ما دامت الأسفار في عصاها سير والإفراج لعربك لا تسمح به إلا لمن له حقيقة وجود وله في الخدمة الشريفة أثرٌ موجود ومنعهم: فلا يكون إلا إذا توجه منعهم أو توانت عزائمهم وقل نفعهم والمهابة: فانشرها كسمعتك في الآفاق ودع بوارق سيوفها تشام بالشام وديمها تراق بالعراق وخيول التقادم: فارتد منها كل سابقٍ وسابقةٍ تقف دنهما الرياح ويحسدهما الطير إذا طار بغير جناح ولا تتخذ دوننا لك بطانةً ولا وليجة ولا تقطع عنا أخبارك البهيجة وليعرف قومه له حقه ويوفوه من التعظيم مستحقه فإنه أميرهم وأمره من أمرنا المطاع فمن نازع فقد خالف النص والإجماع والله تعالى يوفقه ما استطاع بمنه وكرمه! والخط الشريف. الثاني - أمير آل فضل. وهذه نسخة مرسومٍ شريفٍ بالتقدمة على عربي آل فضلٍ وآل علي كتب به للأمير فخر الدين عثمان بن مانع بن هبة وهو: الحمد لله الذي خص من والى هذه الدولة بالتقدمة والفخر ورمى من عاداها بالمذلة والقهر ومد في عمر أيامها حتى يستنفد الدهر وحتى توصف أيامها - وإن قصرت - بالمسار: كل شهرٍ يمر منها كالعام واليوم كالشهر. نحمده على ما منحنا من تأييد وظفر وطوى دعوة من عاندنا بعد النشر ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً إن دخلت شواهدها تحت الإحصاء فلا تدخل فوائدها تحت الحصر وأن محمداً عبده ورسوله الذي جعل الله به الهداية في المبدإ والشفاعة في المعاد يوم الحشر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاةً تسعد بعد الشقاء وتجبر بعد الكسر. وبعد فإن الله سبحانه وتعالى لما مكن لنا في الأرض وجعل بيدنا البسط والقبض وأرانا كيف نصنع الجميل ونجمل الصنع وكيف نجبر قلب من جعل في أيامنا جبره بعد الصدع وكيف تصبح أنجم ذوي الأقدار في سماء مملكتنا نيرة المطالع وكيف نلقي الخير في عراصها من رامه إذا كان على الخير في غير أيامنا مانع وكيف نحل التقدمة فيمن إذا عقل في حللها قيل: هذا هو أحق بها ممن كان وهذا الذي ما برحت التقدمة في بيته في صدر الزمان وهذا الذي إذا ذكر آل فضل وآل علي كانت له مرتبة الشرف ولا غرو أن تكون مرتبة الشرف لعثمان وأننا لا نمطي صهوة العز إلا لأهلها ولا ننسخ الآية لمن تقدم في التقدمة إلا بخير منها أو مثلها ولا نسلم رايتها إلا لمن تعقد عليه الخناصر ولا يتسنم ذروتها إلا من هو أحق بها وأهلها في الأول والآخر. ولما كان المجلس السامي الأميري فخر الدين عثمان بن مانع بن هبة: هو المراد بهذا القول الحسن والممدوح بحشد هذا المدح الذي يسر السر والعلن والحقيق من الإحسان بكلما والخير بأن والخصيص من سوالف الخدم بما والمفضل على سائر النظراء ولو قيس بمن - اقتضى حسن الرأي الشريف أن رسم بالأمر الشريف - لا زال ذو القدر في أيامه يرتفع وذو الفضل في دولته لا يعز عليه مطلبٌ ولا يمتنع وذو الأصالة التي يجتمع له فيها من النعماء ما لا يلتئم له في غيرها ولا يجتمع - أن تفوض إليه التقدمة على العربان بالشام المحروس وهم من يأتي ذكره على ما استقر عليه الحال في ترتيبهم وأن منازله الداروم: بعداً وقرباً حضراً وبدواً عامراً وغامراً رائحاً وغادياً من الرستن إلى الملوحة. والعرب: آل فضل وآل علي حيث ساروا نزلوا منزلة المذكور أو بمنزلة الأمير شمس الدين محمد بن أبي بكر والخدمة واحدة والكلمة على اتفاق المصالح متعاضدة. فليكن للقوى جسد روحها لا بل روح جسدها ومجموع القبائل أوحد عددها إذا صح الأول من عددها وقطب فلكها الذي على تدبيره مدارها وعلى تقريره اقتصارها وعلى تقدمته تعويلها وإلى نسبة إمارته جملتها وتفصيلها وليجمعهم على الطاعة فإن الطاعة ملاك الأمر للآمر وأس الخير للبادي والحاضر وليعلم أن لكل منهم نقابةً تعرف وعلمية أصالةٍ بها يعرف ومنزلةً يرثها الولد عن الوالد ومشيخةً ترجع من ذلك البيت إلى ذلك الواحد فليحفظ لهم الأنساب وليرع لهم الأسباب وإذا أمروا بأمرٍ من مهام الدولة يتلو عليهم: " ادخلوا الباب ". والألزام له ولهم مخاوض تحفظ ومفاوز تلحظ ومطارح لا تلفظ ومشاتٍ ومصايف ونفائض ومصارف ومرابع ومراتع ودنوٌّ واقتراب وتوطن واغتراب وإغارةٌ ونهيض وبرقٌ ووميض. فليرتب ذلك أجمل ترتيب وليسلك فيه خير مذهب وتهذيب وليدع العادي ويلاحظ الرائح والغادي وليؤمن ذلك الجانب فأمننا تطرب أبياته المحدو والحادي وعليهم عداد مقرر وقانونٌ محرر وليكن على يد شاده شاداً ولسبب تأييدهم ماداً ويعلم أنه وإن كان قد أغمض من جفونه فيما مضى وأعرض عنه في الزمن الأول الذي انقضى وقدم عليه من كان دونه فقد رد الله له أبكار الأمر وعونه فلا يجعل لقائلٍ عليه طريقاً ولا يدخل في أمرٍ يقال عنه فيه: كان غيره به حقيقاً بل يفوق من تقدم في الخدمة والهمة والصرامة ولاعزمة والله يوزعه شكر هذه النعمة والخط الشريف. الثالث - أمير آل مراء ورتبته السامي بالياء. وقد تقدم أن منازلهم حوران. وعن مسالك الأبصار أن ديارهم بين بلاد الجيدور والجولان إلى الزرقاء والضليل إلى آخر بصرى. ومشرقاً إلى حرة كشب على القرب من مكة المشرفة زادها الله شرفاً. وهذه نسخة مرسومٍ شريفٍ بإمرة آل مراء كتب بها للأمير بدر الدين شطي بن عمر وهي: الحمد لله الذي زين آفاق المعالي بالبدر ورفع بأيامنا الشريفة خير وليٍّ أضحى بين القبائل جليل القدر ومنح من أخلص في خدم دولتنا الشريفة مزيد الكرم فأصبح بإخلاصه شديد الأزر وأجزل بره لأصائل العرب العرباء فوفر لهم الأقسام وأسبغ ظلال كرمه على من يرعى الجار ويحفظ الذمام. نحمده على نعمٍ هطل سحابها ومننٍ تفتحت بالمسار أبوابها ونشهد أن لا إله غلا الله وحده لا شريك له شهادةً تقرب صاحبها يوم الفزع الأكبر من المحل الآمن وتورده نهر الكوثر الذي ماؤه غير آسن ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي بعثه الله من أشرف القبائل وأوضح بنور رسالته الدلائل فأنقذ الله به هذه الأمة من ضلالها وبوأها من قصور الجنان أعلى غرفها وأشرف ظلالها صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين أوضحوا مناهج الإيمان وشيدوا قواعد الدين إلى أن علت كلمته في كل مكان فكان عصرهم أجمل عصر وقرنهم خير أوان وسلم تسليماً كثيراً. وبعد فإن أولى من أدنينا من بساط الاصطفاء محله وارتشف من سحاب معروفنا طله فوبله ونال من عواطفنا منزلة القرب على بعد الدار وحكم له حسن نظرنا الشريف بتوالي غزير كرمنا المدرار. ولما كان المجلس الفلاني: هو المشار إليه بهذا النعت الحسن والموصوف بالشجاعة في السر والعلن - رسم بالأمر الشريف - لا زال بدره ساطع الأنوار وبره هامع القطار وخيره يشمل الأولياء بجزيل الإيثار وجميل الآثار - أن يستقر المشار إليه في كيت وكيت: لأنه البطل الشديد والفارس الصنديد وليث الحرب المذكور ومن هو عندنا بعين العناية منظور. وليثق من صدقاتنا الشريفة بمايؤمل ويعهد وليتحقق قربه من مقامنا الشريف والعود أحمد وليتلق هذا الإحسان بقلب منشرح وأمل منفسح وليجتهد في أمر عربانه الذين في البلاد فإنا جعلنا عليه في أمورهم الاعتماد وقد أقمنا أميراً على عرب آل مراء فليشمر عن ساعد الاجتهاد في مصالح دولتنا الشريفة بغير زورٍ ولا مراء وليقمع المفسد من عربانه ويقابله بالنكال والصالح الخير منهم يجزل له النوال والوصايا كثيرةٌ ولمثله لا تقال والخط الشريف أعلاه حجة فيه إن شاء الله تعالى. وهذه نسخة مرسومٍ شريفٍ بنصف إمرة آل مراء كتب به لقناة بن نجاد في العشر الأخر من شهر رمضان سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله وهي: الحمد لله الذي استخدم لنصرنا كل سيف وقناة وكل سرعةٍ وأناة وكل مثقفٍ تسلى جناياته ويعذب جناه وكل ماضٍ لا يعوقه عن مقاصده الصالحة يعوق وهو عبد مناة. نحمده حمد من أغناه ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً يستمد من قبلها فلق الصباح سناه ويفك منها من قبضة السيوف عناه ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي بوأه منازل الشرف وبناه وأحله من العرب في مكان يخضع له رأس كل جبار ويخشع بصره وتستمع لما يوحى أذناه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاةً تخصهم من كل شرف بأسماه وأسناه وسلم تسليماً. وبعد فإن لكل ثاكلةٍ قراراً ولكل هاجرةٍ مزاراً ولكل معصمٍ سواراً لا يليق إلا بزنده ولك عنقٍ دراً لا يصلح إلا لعقده ولكل سيفٍ طال هجوعه في غمده انسلالاً ولكل قناةٍ لم تعتقل مدةً اعتقالاً وكانت إمرة آل مراء قد ثبتت من البيت الأحمدي بأوثق أوتادها ووصلت منه في الرفعة إلى نجادها ولم تزل تنتقل في آفاقها بدورهم الطالعة وتضيء عليها من صفاحهم بروقهم اللامعة وتجول فيها من سوابقهم السحب الهامعة وتغني في حروبها عزائمهم إذا وقعت الواقعة وتقدمت للمجلس السامي الأميري الفلاني بركابنا الشريف صحبةٌ حمد فيها السرى وخدمةٌ أوقدت له نار القرى وهاجر إلينا في وقتٍ دل على وفائه وسهر إلى قصدنا الليل وله النجم محيط المقل بإغفائه وانقطع إلينا بأمله ولازم من عهدنا الشريف صالح عمله واستحق تعجيل نعمنا الشريفة وإن تأخرت لأجل موقوت وأملٍ نجاحه لا يفوت. فلما آن أن تفاض عليه ثيابها ويضاف إليه ثوابها ويصرف في قومه أمره ويشرف بينهم قدره ويعرف من لم يعرف المسك أنه عندنا ذكره ومن جهل البر: أنه على ما يحمد عليه شكره ومن أنكر أن شيئاً أصعب من الموت: أنه في مجال الموت صبره ومن خالف فيما هو أمضى من القضاء: أنه في البيعة صدره ومن ادعى أنه لا تصيبه البيض والسمرك أنها مثقفته وبتره وزال من هذا البيت العريق الطود وهو ثابت ونزع منه السنان لولا أنه في قناته نابت ولولاه لهاجت هذه القبيلة إلى من يقبل على نباتها ويقيل بها: تارة ينجد في نجدها وأخرى يحول في جولاتها - رسم بالأمر الشريف أن يقلد من إمرة آل مراء ما كان الأمير ثابت بن عساف رحمه الله يتقلده إلى آخر وقت ويرفع فيها إلى كل مسامتةٍ وسمت ليكمل ما نقص من التمام وصفه ويعلم أنه حلق إليه حتى أتى دون نصف البدر فاختطف النصف وذلك النصف هو نصفه ليكون لهم إحدى اليدين وأخرى تقع لسيف بحدين. وتقوى الله أبرك ما اشتملت عليه عودها وانتخبت له زبيدها فليتخذها له ذروةً يهتدي بها أنى سلك من الفجاج واقتحم من حلك العجاج. وعليه بحسن الصحبة لرفيقه ويمن القبول على فريقه وإقامة الحدود على ما شرع الله من دينه القويم وإدامة التيقظ للثأر المنيم وإنزال عربه ومن ينزل عليه أو ينزل عليهم في منازلهم. وليجمع قومه على طاعتنا الشريفة كل الجمع ويقابل ما ترد به مراسمنا المطاعة عليه بما أوجب الله لها من الطاعة والسمع وليأخذ للجهاد أهبته ويعجل إليه هبته وليقف من وراء البلاد الشامية المحروسة دريئةً لأسوارها المنيعة ونطاقاً على معاقلها الرفيعة وسداً من بين أيديا وخلفها لباب كل ذريعة وخندقاً يحوط بلادها الوسيعة وحجاباً يمنع فيها من تعدى الحق وخاض الشريعة ولا يفارق البلاد حتى يعبس في وجوهها السحاب ولا يعود حتى تؤذن زروعها المخيمة بذهاب والكرم هو فيه سجايا والعزم ما برح لوشان أسنته بكل قناةٍ لحايا والحزم بيده المراوية من آل مراءٍ يظهر له الخفايا والشجاعة هو في رباها المنيرة ابن جلا وطلاع الثنايا وما رضع المرمل كأفاويق الوفاق ولا وضع شيئاً في موضعه كمداراة الرفاق فليكن لرفيقه أكثر مساعدةً من الأخ لأخيه وأكبر معاضدةً من المصراع لقسيمه والجفن لجفنه والشيء لما يؤاخيه. هذا يجب ويتعين وليس يجمعهما فرد طاعة ولا يلزمهما لشيءٍ واحدٍ استطاعة فكيف وهو و رفيقه إلينا اعتزاؤهما ومنا إعزازهما وهما فرعان معتنقان: لدينا إجناؤهما وبيدنا إهزازهما. وليحصل من الخيل كل سابقةٍ تليق أن تقدم إلينا وسابحةٍ في كل مهمةٍ حين يقدم علينا. والشرع الشريف يكون إليه مىبك وعليه عفوك وعقابك وبمقتضاه عقد كل نكاح لا يصح غلا على وجهه المرضي وإلا فهو سفاح والميراث على حكمه لمن جره إليه وإلا فهو ظلمٌ صراح وبقية ما نوصيه به إذا انتهى منه إلى هذه النبذة فما عليه في سواها جناح. وسبيل كل واقفٍ على تقليدنا هذا أن ينيب إلى نصوصه ويؤوب إلى عمومه وخصوصه والحذر من الخروج عنه بقولٍ أو عمل فالسيف أسبق من العذل والله تعالى يمتعه بما وهبه من العز في النقل والمحاسن التي هي يد المسامع والأفواه والمقل والخط الشريف أعلاه.
- من يكتب له في قطع الثلث بالسامي بغير ياء مفتتحاً بأما بعد وهم ثلاثة أيضاً الأول - أمراء بني مهدي وهي مقسومة بين أربعة. ورتبة كل منهم مجلس الأمير. وقد تقدم أن منازلهم البلقاء إلى مائر إلى الصوان إلى علم أعفر. وهذه نسخة مرسومٍ شريفٍ بربع إمرة بني مهدي وهي: أما بعد حمد الله على نعمه التي حققت في كرمنا المآرب وأجزلت من آلائنا المواهب وقربت لمن رجانا بإخلاص الطاعة ما يأبى عليه من المطالب والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ المبعوث من أشرف ذوائب لؤيٍّ بن غالب المخصوص باللواء الذي لا يضحى من أوى إلى ظله والحوض الذي لا ظمأ بعد وروده لشارب وعلى آله وصحبه الذين فازوا من صحبته وطاعته بأسمى المراتب وأسنى المناقب - فإن أولى من رفعت رعايتنا قدره وأطلعت عنايتنا في أفق السعادة بدره وحققت آلاؤنا سوله وبلغته صدقاتنا مرامه ومأموله - من أحكم في طاعتنا أسباب ولائه وأتقن في خدمتنا انتساب بعيده وانتمائه وتقرب إلينا بإخلاصه في اجتهاده ومت بما يرضينا من احتفاله بأمور جهاده مع ما تميز به من أسباب تتقاضى كرمنا في تقديمه وتقتضي إجراءه على ما ألف أولياء الطاعة من حديث إحساننا وقديمه. ولما كان فلانٌ هو الذي اختص بهذه المقاصد وعني بما ذكر من المصادر والموارد - رسم ان يرتب في ربع إمرة بني مهدي. فليرتب فيما رسم له به من ذلك قائماً من وظائفها بما يجب عالماً من مصالحها بما يأتي وما يجتنب واقفاً لاعتماد ما يرد عليه من المراسم وقوف المنتظر المرتقب ملزماً عربه من الخدم بما يؤكد طاعتهم ومن إعداد الأهبة بما يضاعف استطاعتهم ومن المحافظة على أسباب الجهاد بما يجعل في رضا الله تعالى ورضانا قوتهم وشجاعتهم وليقدم تقوى الله تعالى بين يديه ويجعل توفيقه العمدة فيما اعتمد فيه عليه والخير يكون إن شاء الله تعالى. وهذه نسخة مرسومٍ شريف بربع إمرة بني مهدي أيضاً: أما بعد حمد الله على نعمه التي جددت لمن أخلص في الطاعة رتب السعود ورفعت من نهض في الخدم الشريفة حق النهوض إلى مناصب الجدود والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ المخصوص بلواء الحمد المعقود وظل الشفاعة الممدود والحوض الذي لا ينضب على كثرة الورود وعلى آله وصحبه الذين وفوا بالعهود وبدت سيماهم في وجوههم من أثر السجود - فإن أولى من اجتلى وجوه النعم واجتنى ثمرة ما غرس من الخدم وارتقى إلى ما أنعم به عليه من التقدم الذي أقامه السعد لاستحقاقه على أثبت قدم - من نشأ في طاعتنا الشريفة يدين بولائها ويتقلب في خير نعمها وآلائها ويتعبد بما يؤهل له من خدمها ويبادر إلى ما يندب له من المهام الشريفة بين يدي مراسمنا أو تحت علمها. ولما كان فلانٌ هو الذي ذكرت طاعته وشكرت خدمه وشجاعته - رسم. أن يرتب في ربع إمرة بني مهدي على عادة من تقدمه وقاعدته. فليرتب في ذلك قائماً بما يجب عليه من وظائفها المعروفة المألوفة وخدمها التي هي على ما تبرز به أوامرنا الجارية موقوفة وليكن هو وعربه بصدد ما يؤمرون به من خدمةٍ يبادرون إليه وطاعةٍ يثابرون عليها وتأهب للجهاد حيث سرت الجيوش المنصورة لم يبق لهم عائقٌ عن التوجه بين يديها وسياسةٍ تأخذهم من الطرائق الحميدة بسلوك ما يجب ويعرف بها سلوك ما يسلك واجتناب ما يجتنب والخير يكون إن شاء الله تعالى. الثاني - مقدم زبيد. ومنازل بعضهم بالمرج وغوطة دمشق وبعضهم بصرخد وحوران. أما بعد حمد الله الذي أبقى بنا للنعم تأبيداً وأحسن العاقبة لأحسن عاقبةٍ أدام لهم فيها تخليداً وأحيا بهم منهم حياً نكتب لأميرهم وإمرتهم في كل حينٍ تقليداً ونفل منهم نوفلاً فلا نزال نجدد فيهم ملابس الفخار بذكر اسمه تجديداً ورعى بنا أبناء بيتٍ تناسقوا أبناءً وجدوداً وتباشروا بولدٍ لما خلف والده ابن سعيدٍ لا يكون إلا سعيداً والصلاة والسلام على نبيه محمدٍ الذي أهلك بسيفه كل غاشم وأخجل بسيبه كل غمام لوجنة الرياض واشم وأسعد بسببه نوفلاً وعبد شمسٍ بأخوتهما لهاشم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خلاصة العرب صلاةً لا يعد ضريباً لها الضرب وسلم تسليماً كثيراً. وبعد فإن العساكر المنصورة الإسلامية: منهم حاضرةٌ أهل جدار وباديةٌ في قفار وقومٌ هم المدن الممدنة وقومٌ عليها أسوار وهم صنفان: صنفٌ لا تمل السيوف عواتقهم وصنفٌ سيوفهم تحبس بها مناطقهم والعرب أكرم أهل البوادي وأعظم قبائلهم تضرماً كالبرق مباراةً للسحب الغوادي قد نصبوا بقارعة الطريق خيامهم وسرحوا مع أسراب الظباء سوامهم ووقفوا دون الممالك المحروسة كتائب مصفوفة ومواكب بما تعرف به العرب من الشجاعة موصوفة وزبيد من أفخرها قبيلة وأكثرها فوارس: فأما أحسابها فكريمةٌ وأما وجوهها فجميلة شاميةٌ أعرقت أنساباً في يمنها وأتهمت بشطء أسنتها ما تفتح في المجرة من سوسنها فما يبيت بطلٌ منهم على دمن ولا يعرف فارسٌ إلا إذا تملى في الخليطين من شامٍ ومن يمن كم فيهم بمواقع الطعان فطنٌ ذو كيس وكم صبغ منهم بالدماء رايةً حمراء يمنيٌّ لا ينسب إلى قيس كم كرب على معد يكرب منهم فارس ونسب إلى زبيدٍ وهو خشن الملابس منهم صاحب الصمصامة بقي مثلها السيف فرداً وكم قتل من أقرانه الشجعان من أخٍ صالح وبوأه في العجاج بيديه لحداً ومن نجومهم الزواهر السراة وغيومهم الأكابر السراة من لم يزل حول دمشق وما يليها من حوران منارة منازل وأوطان حاموا عن جنابها المصون وحاموا حول غوطتها تشبهاً بحمائمها على الغصون وماثلوا بسيوفهم أنهارها ورماحهم حول دوحات الأيك أشجارها واستلأموا بمثل غدرانها دروعاً وحكوا بما أطلوا من دماء الأعداء شقائق روضها وبما جروا من حللهم المسهمة سيلاً ولم يزل لهم من البيت النوفلي من يجمع جماعتهم ويضم تحت راية الدولة الشريفة طاعتهم يخلف ابن منهم لأبيه أو أخٌ لأخيه وينتظم كل فرقد مع من يناسبه وينضاف كل كوكبٍ إلى من يؤاخيه. وكان مجلس الأمير الأجل فلان بن فلان الزبيدي - أدام الله عزه - هو بقية من سلف من آبائه وعرف مثل الأسد القسورة بإبائه وانحصر فيه من استحقاق هذه الرتبة ميراث أبيه واستغرق جميع ما كان من أمر قومه وإمرتهم يليه. فرسم بالأمر الشريف - زاده الله تعالى شرفاً وذخر به لكل سالفٍ خلفاً - أن يرتب في إمرة قومه من زبيد النازلين بظاهر دمشق وبلاد حوران المحروس على عادة أبيه المستقرة وقاعدته المستمرة إلى آخر وقت من غير تنقيصٍ له عن نجم سعده في سمةٍ ولا سمت تقدمةً تشمل جميعهم ممن أعرق وأشأم وأنجد وأتهم لا يخرج أحدٌ منهم عن حكمه ولا ينفرد عن قسمه لا ممن هو في جدار ولا ممن هو مصحرٌ في قفار يمشي على ما كان عليه أبوه ويقوم فيهم مقامه الذي كان عليه هو وأولوه. ونحن نوصيك بتقوى الله تعالى وباتباع حكم الشريعة الشريفة ما أقمت على بلدٍ أو أزمعت ارتحالاً وبجمع قومك على الطاعة فرساناً وركباناً ورجالاً واتباع أوامرها الشريفة وأمر نوابنا الذين هم بإزائهم وما اعتزاز من قبلك إلا لما مالوا إليه في اعتزائهم والتأهب أنت وقومك لما رسم به في ليل أو نهار وحماية حمىً أنتم حوله في صحراء مصحرة أو من وراء جدار والمطالعة بمن ينتقل من أصحابك بالوفاة والوصايا كثيرة ومثلك أيسر ما قال له امرءٌ كفاه والله تعالى يوفقك لما يرضاه ويؤثرك في كل أمرٍ للعمل بمقتضاه وسبيل كل واقف عليه العمل به بعد الخط الشريف شرفه الله تعالى وأعلاه أعلاه إن شاء الله تعالى.
نيابة حلب النوع الأول من بحاضرة حلب وهم على أصناف الصنف الأول منهم أرباب السيوف وهم على طبقتين الطبقة الأولى من يكتب له تقليدٌ وهو نائب السلطنة بها وتقليده في قطع الثلثين بالجناب الكريم وهذه نسخة تقليدٍ شريفٍ بنيابة السلطنة بحلب كتب به للأمير أستدمر من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي وهي: الحمد لله حافظ ثغور الإسلام في أيامنا الزاهرة بمن يفتر عن شنب النصر سيفه وناظم نطاق الحصون في دولتنا القاهرة على همم من لم يزل يغزو عدو الدين قبل طلوع طلائعه طيفه وناشر لواء العدل في أسنى ممالكنا بيد من لا يؤمن في الحق فوته ولا يرهب في الحكم حيفه ومدخر أجر الرباط في سبيله لمن لم يبت ليلةً إلا والتأييد نزيله والنصر سميره والظفر ضيفه الذي جعل الجهاد في أطراف الممالك المحروسة سوراً لعواصمها والصعاد في مقاتل أعداء الدين شجناً في صدورها وشجى في غلاصمها والسيوف الحداد تزهى بمشاركتها لاسم من بليت منه أجساد أهل الكفر بقاسمها ورميت منه أعمارهم بقاصمها وأرهف لهذا الأمر من أوليائنا سيفاً تتحلى الشهباء بجواهر فرنده وتتوقع الأعداء مواقع فتكاته قبل تألق برقه من سحب غمده ويعرف أهل الكفر مضاربه التي لا تطيق مقاتلهم جحدها وتتفرق عصب الضلال فرقاً من مهابته التي طالما أغارت على جيوشهم المتعددة وحدها. نحمده على نعمه التي جعلت النصر لأجياد ممالكنا عقوداً والكفر للهب صوارمنا وقوداً والتأييد من نتائج سيوفنا التي تأنف أن ترى في مضاجع الغمود رقوداً ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تعلي منار الهدى وتطفيء أنوار العدا وتخلي أجساد أهل الكفر من قوى أرواحهم فتغدو كديارهم التي لا يجيب فيها إلا الصدى ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أعلى الله بناء الإيمان بتأذينه وأيدنا في الذب عن ملته بكل ولي يتلقى راية النصر بيمينه وأعاننا على مصالح أمته بكل سيفٍ تتألق نار الأجل من زنده ويترقرق ماء الحياة من معينه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين وسمت أسنتهم من وجوه الكفر أغفالاً وكانت سيوفهم لمعاقل أهل الشرك مفاتح فلما فتحت غدت لها أقفالاً فمنهم من فاز بمزية السبق إلى تصديقه ومنهم من كان الشيطان ينكب عن طريقه ومنهم من أمر بإغماد سيف الانتصار لدمه عن مريقه ومنهم من حاز رتبة أختانه وصهره دون أسرته الكرام وفريقه صلاةً دائمة الخلود مستمرة الإقامة في التهائم والنجود وسلم تسليماً كثيراً. وبعد فإن أولى من حليت التقاليد بلآليء أوصافه وملئت الأقاليم بمواقع مهابته وإنصافه وريعت قلوب العدا بطروق خياله قبل خيله وخاف الكفر كل شيءٍ أشبه ظباه من توقد شموس نهاره أو حكى أسنته من تألق نجوم ليله ومد على الممالك من عزماته سورٌ مصفحٌ بصفاحه مشرفٌ بأسنة رماحه ساميةٌ على منطقة الجوزاء منطقة بروجه نائيةٌ على أماني العدا مسافة رفعته فلا يقدر أمل باغٍ على ارتقائه ولا رجاء طاغٍ على ولوجه - من تمهدت بسداد تدبيره الدول وشهدت بسير محاسنه السير الأول وتوطدت الممالك على أسنته فحققت أن أعلى الممالك ما يبنى على الأسل وسارت في الآفاق سمعته فكانت أسرى من الأحلام وأسبق من الأوهام وأسير من المثل وصانت الثغور صوارمه فلم يشم برقها إلا أسيرٌ أو كسير أو من إذا رجع إليها بصره انقلب إليه البصر خاسئاً وهو حسير وزانت الأقاليم معدلته فلا ظلم يغشى ظلامه ولا جور يخشى إلمامه ولا حق تدحض حجته ولا باطل يعلو كلامه فالبلاد حيث حل بعدله معمورة وبإيالته مغمورة وسيوف ذوي الأقلام وأقلامهم بأوامره في مصالح البلاد والعباد منهيةٌ ومأمورة. ولما كان الجناب العالي هو الذي عانق الملك الأعز نجاده والليث الذي لم يزل في سبيل الله إغارته وإنجاده والكمي الذي كم له في جهاد أعداء الله من موقف صدقٍ يضل فيه الوهم وتزل فيه القدم والهمام الذي إن أنكرت أعناق العدا مواقع سيوفه فما بالعهد من قدم والمقدام الذي لا ننكر مشاهده في إرغام الكفر ولا تكفر والزعيم الذي حمت مهابته السواحل فخاف البحر: وهو العدو الأزرق من بأسه الأحمر على بني الأصفر والمقدم الذي كم ضاقت بسرايا شيعته الفجاج! وكم أشرقت نجوم أسنته من أفق النصر في ظلم العجاج! وكم حمى العذب الفرات على البعد بسيوفه وهي مجاورةٌ للملح الأجاج!! مع سطوةٍ أنامت الرعايا في مهاد أمنها ورأفةٍ عمرت البرايا بعافطة إقبالها ويمنها ورفقٍ تكفل لسهل البلاد وحزنها بإعانة مزنها وشجاعةٍ أعدت الجيوش التي قبله فغدت آحادها ألوفاً وفتكاتٍ عودت الطير الشبع من وقائعه فباتت على راياته عكوفاً ومعدلةٍ عمت من في إيالته فأضحى الضعيف في الحق قوياً عنده والقوي في الباطل ضعيفاً. وكانت البلاد الحلبية المحروسة هي المملكة التي لا تجارى شهباؤها في حلبة فخار والرتبة التي لا يؤهل لها من خواص الأولياء الأعزة إلا من استخرنا الله تعالى في تقليد جيد مفاخره بلآليء كفالتها فخار فهي سور الممالك الذي لا تتسوره الخطوب وأم الثغور التي ما برح يسفر بابتسامتها عن شنب النصر وجه الزمن القطوب وموطن الرباط الذي كل يوم وليلة فيه خير من الدنيا وما فيها وعقيلة الأقاليم التي كم أشجى قلوب الملوك الأكابر صدودها وأسهر عيون العظماء الأكاسرة تجافيها بل هي عقدٌ دره حصونه وروضٌ سيوف الكماة جداوله ورماح الحماة غصونه وحمى لم تزل عيون عنايتنا بعون الله تحفه وأيدي تأييدنا بقوة الله تصونه - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نرهف بحمايتها هذا السيف الذي تسابق الأجل مضاربه وتبطل الحيل تجاربه ويتقدم خبر عزائمه خبرها فلا يدرى: هل ريح الجنوب أسرى وأسرع أم جنائبه وتبث مهابته أمام سراياه إلى العدا سرايا رعبٍ تفل جمعهم وتسبق إلى التحرز من بأسه بصرهم وسمعهم وتسفر بكل أفق عن شيعة مغيرة أو كتيبةٍ تجعلها لمعالي النصر الكامنة مثيرة. فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي - لا زالت أوامره مبسوطةً في البسيطة وممالكه محوطةً بمهابته الشاملة ومعدلته المحيطة - أن تفوض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالمملكة الحلبية: تفويضاً يعوذها من عيون العدا بآيات عزائمه ويعودها اجتناء ثمر المنى والأمن من ودق صوارمه وينظم دراري الأسنة من أجياد حصونها في مكان القلائد ويجعل كماة أعدائها لخوفه أضعف من الولدان وأجبن من الولائد ويجرد إلى مجاوريها من همته طلائع تحصرهم في الفضاء المتسع وتسد عليهم مجال الأرض الفسيحة فيغدو لهم حزنها الحزن الشامل وسهلها السهل الممتنع. فليتقلد هذه الرتبة التي بمثلها تزهى الأجياد وبتقليدها يظهر حسن الانتقاء لجواهر الأولياء والانتقاد وبتفويضها إلى مثله يعلم حسن الارتياد لمصالح البلاد والعباد وليزد جيوشها المنصورة إرهاباً لعدوهم وإرهافاً لصوارم الجهاد في رواحهم وغدوهم وإدامةً للنفير الذي حببه الله إليهم وقوةً على مجاوريهم من أهل النفاق الذين يحسبون كل صيحةٍ عليهم فإنهم فرسان الجلاد الذين ألفوا الوقائع وأسوار الفرات الذين عرفوا في الذب عن ملتهم بحفظ الشرائع وكشافة الكرب الذين لا يزال لهم في سائر بلاد العدا سرايا وعلى جميع مطالع ديار الكفر طلائع وهم بتقدمته تتضاعف شجاعتهم وتزيد استطاعتهم وطاعتهم وليأخذهم بمضاعفة الأهب وإدامة السعي في حفظ البلاد والذب والتشبه بأسود الغابات التي همها في المسلوب لا السلب وليهتم بكشف أحوال عدو الإسلام ليبرح آمناً على الأطراف من حيفهم متيقظاً لمكايدهم في رحلتي شتائهم وصيفهم مفاجئاً في كل منزل بسيرٍ يروع سربهم ويكدر شربهم ويجعل روح كل منهم من خوف قدومه نافرةً عن الجسد ويسلبهم بتوقع مفاجأته القرار ولا قرار على زأرٍ من الأسد ولا تزال قصاده بأسرار قلوب الأعداء مناجية ولا تبرح له من أعيان عيونه بين العدا فرقة ناجية وليحتفل بتدريج الحمام التي هي رسل أعنته وإقامة الديادب الذين إذا دعوا همهمةً بألسنة النيران لبتهم ألسنة أسنته وليمت قلوب أعدائه بوجل لقائه قبل الأجل وليزد في الحزم على ابن مزيدٍ الذي لم ير في الأمن إلا في درعٍ مضاعفة لا يأمن الدهر أن يدعى على عجل وليجعل أحوال القلاع المحروسة دائماً بمرأى منه ومسمع ويشيدها من ملاحظته باحتفال لا يدع لشائم برقها وحمول أموالها مطمعاً فقد استكمل حسن النظر في مصالحها أجمع وليقم منار الشرع الشريف بمعاضدة حكامه والانقياد إلى أحكامه والوقوف مع نقضه وإبرامه: فليجعل حكم الشريعة المطهرة أمامه وإمامه وليقم أمر الله فيمن اقتاده الشرع إلى حكمه فجاذب زمامه ويعظم حملة العلم الذي أعلى مناره وأفاض على الأمة أنواره وحفظ بهم على الملة سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وآثاره وليكن لأقدارهم رافعاً ولمضارهم دافعاً ولأوقافهم بجميل الاحتفال عامراً وفي مصالحهم بتحلية الأحوال آمراً ولينشر لواء العدل الذي أمر الله بنشره ويشفعه بالإحسان الذي هو مألوفٌ من سجاياه ومعروفٌ من طلاقة بشره ويمد على الرعايا ظل رأفته الذي يضفي في النعم لباسهم ويديم إلفهم بالرفاهية واستئناسهم ويقم حكم سياسته على من لم يستقم ويقف مع رضا الله تعالى في كل أمر: فإذا رحم فلله فليرحم وإذا انتقم فلغير الله لا ينتقم وليعتن بعمارة البلاد ببسط العدل الذي ما احتمى به ملكٌ إلا صانه والرفق الذي لم يكن في شيءٍ إلا زانه وتوخي الحق الذي من جعله نصب عينيه وفقه الله له وأعانه. وكذلك أمر الأموال: فإنها ذخيرة الملك وعتاده ومادة الجيش الذي إذا صرفت إلى مصالحهم هممه لم يخش عليه انقطاعه ولا نفاده وجميع الوصايا قد ألفنا من سيرته فيها فوق ما نقترح وخبرنا من مقاصده فيها ما يقول للسان قلمها: قد عرفت ما أومأت إليه من مقاصدك فاسترح وملاكها تقوى الله تعالى ورضانا وهو المألوف من عدله وإنصافه والله تعالى يديمها بتأييده وقد فعل ويجعله من أركان الإسلام وأعلام المسلمين وقد جعل بمنه وكرمه والاعتماد. إن شاء الله تعالى. وهذه نسخة تقليدٍ شريفٍ بنيابة حلب أيضاً كتب بها عن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون للأمير شمس الدين قراسنقر بإعادته إليها من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي وهي: الحمد لله الذي جعل العواصم بإقامة فرض الجهاد في أيامنا الشريفة معتصمة والثغور بما تفتر عنه من شنب النصر في دولتنا القاهرة مبتسمة والصوارم المرهفة في أطراف الممالك بأيدي أوليائنا لأرواح من قرب أو بعد عنها من الأعداء مقتسمة والحصون المصفحة بصفاحنا بأعلام النصر معلمة وبسيما الظفر متسم معلي قدر من أحسن في مصالح الإسلام عملاً ورافع ذكر من يبسط إلى عز طاعة الله ورسوله وطاعتنا أملاً ومجدد سعد من تلبس الأقلام من أوصافه أفخر الحلل إذا خلعت من المحامد على أوصافه حللاً ومفوض زعامة الجيوش بمواطن الرباط في سبيله إلى من إذا فللت مقاتل العدا سيوف الجلاد كانت عزائمه من السيوف المرهفة بدلاً. نحمده على نعمه التي جعلت طاعتنا من آكد أسباب العلو وخدمتنا من أنجح أبواب الرفع بحسب المبالغة في الخدمة والغلو ونعمنا شاملةً للأولياء بما يربي على طوامح الآمال في البعد والدنو ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تستنزل بها مواد النصر والظفر وتستجزل بها ذخائر التأييد التي كم أسفر عنها وجه سفر وترهف بها سيوف الجهاد التي كم آلفت من آمن وكفت من كفر ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أنزل سكينته عليه وزويت له الأرض فرأى منها ما يبلغ ملك أمته إليه وعرضت عليه كنوز الدنيا فأعرض عما وضع من مقاليدها بيديه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين رضي الله عنهم صلاةً دائمة الظلال آمنة شمس دوامها من الزوال وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد فإن أولى من طوقت أجياد الممالك بفرائد أوصافه وفوقت إلى مقاتل العدا سهام مهابته التي تحول منهم بين كل قلبٍ وشغافه وخصت به أم الثغور التي در لها حلبها ومدت عليها أفياء النصر الممدودة ذوابلها وقضبها وأهدى أرج التبلج افترارها وشنبها - من تقوم مهابته مقام الألوف وتجتني سمعته من ذوابل العزائم ثمر النصر المألوف ويسبق خياله سرايا خيله التي هي أسرى من هوج الرياح إلى هزم الجموع وتفريق الصفوف وتنظيم أسنة رماحه في الوغى قلوب العدا نظم السطور وتنثر صفاحه رؤوسهم نثر الحروف وتحيط بنطاق الممالك المتطرفة صوارمه إحاطة الأسوار بالحصون والخمائل بالغصون والهالات بالأقمار والجوانح بالأسرار ولا تبيت ملوك العدا منه إلا على وجل ولا يرى في الأمن إلا في درعٍ مضاعفةٍ لا يأمن الدهر أن يدعى على عجل ولا يخفى عن ألمعيته ما يضمر الأعداء من الحركات قبل إظهارها ولا يبعد على عزماته ما هي مليةٌ به من بدارها أعداء الدين بدارها وإذا جلس لنشر المعدلة تبرأ الظلم من فكر جواز البغي والجور على إنسان وشفع ما تصدى من ذلك بما أمر الله به من العدل والإحسان. ولما كان الجناب العالي الفلاني هو الذي ملئت قلوب العدا برعبه وانطوت قلوب الرعايا على حبه وتهللت وجوه المنى في سلمه واستهلت سحب المنايا في حربه وجمع بين حدة البأس ولطف التقى فكان هو الكمي الذي شفع الشجاعة بالخضوع لربه وحاط ما وليه من الأقاليم بسوري بأسه وعدله فبات كل أحدٍ وادعاً في مهاده آمناً في سربه وأغارت سرايا مهابته قبل طلوع طلائعه فأصبح كل من العدا أسير الذعر قبل إمساكه قتيل الخوف قبل ضربه مع احتفال بعمارة البلاد أعان السحب على ريها واشتمالٍ على مصالح العباد قام في تيسير أرزاقهم مقام وسمي الغمائم ووليها وتيقظ لمصالح الثغور أنام عنها عيون الخطوب وإشراقٍ في أفق المواكب سا وجه الدين نور البشر ووجه الكفر ظلام القطوب. وكانت المملكة الحلبية عقيلة المعاقل وعصمة العواصم وواسطة عقود الممالك وسلك فرائد النصر التي كم أضاءت بها إلى الكفر وجوه المسالك لا تدرك في مضمار الفخار شهباؤها ولا ترى إلا كما ترى النجوم في عيون العدا حصباؤها ولها من الحصون المصونة كل قلعة يتهيب الطيف سلوك عقابها ويتقاصر لوح الجو عن منال عقابها فهي عزيزة المنال إلا على كريم كفائته بعيدة مجال الآمال إلا على ما ألفت من إيالة كفايته سامية الأفق إلا على شمسه نابية الطرف إلا على ما عرفت من سلوكه في أمسه ظامية الغروس التي أنشأها في مصالحها إلى ما اعتادته من سقيا غرسه - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نزيدها إشراقاً بشمس جلاله واعتلاءً بسيفه الذي رياض الجنة تحت ظلاله وأن نعيد أمرها إلى من طالما حسن عدله بقعتها وحصن بأسه قلعتها وأطارت مهابته سمعتها وأطالت سيرته سكون رعاياها في مهاد الأمن وهجعتها وأعاد وجوده أحوال مجاوريها من العدا إلى العدم وأباد سيفه أرواح معانديها: فلو أنكرته أعناقهم لم يكن بالعهد من قدم. فلذلك رسم بالأمر الشريف - لا زالت شمس عدله مشرقةً في الوجود وغيث فضله مستهل الجود في التهائم والنجود - أن تفوض إليه. تفويضاً يحدد ارتفاعها ويعمر وهادها وبقاعها ويؤيد اندفاع مضارها وانتفاعها ويعيد الإشراق إلى مطالعها والأمور إلى مواقعها من سداد التدبير ومواضعها والإقدام إلى جيوشها وأبطالها والشجاعة إلى حماتها ورجالها. فليطلع في أفق مواكبها طلوع نعته الكريم ويجر في جوانبها ما ألفته من موارد عدله الذي فارقه غمامه وأثر سيله مقيم ويعاود مصالح تلك المملكة التي لا تصلح أمورها إلا عليه ويراجع عصمة تلك العقيلة التي لا تطمع أبصار عواصمها إلا إليه ويلق في قلوب مجاوريها ذلك الرعب الذي نعى إلى كل منهم نفسه وأسلاه عماه في يديه ويثبت تلك المهابة التي جعلت منايا العدا براحته يأمرها فيهم وينهاها وينشر في الرعايا تلك المعدلة التي هي كالشمس: لا تبتغي بما صنعت منزلةً عندهم ولا جاها ولتكن أحوال عدو الإسلام بمرأىً منه على عادته ومسمع ويكف أطماع الكفار على قاعدته فلا يحدث لهم إلى شيم برق الثغور مطمحٌ ولا في العلم بشنبها مطمع وليكن من أرصاده نهار عدو الدين وليله ومن أمداده مجاز الجهاد وحقيقته فلا يبرح يبيتهم خياله إذا لم تصبحهم خيله ولا يبرح له من أعيان عيونه بين العدا فرقةٌ ناجية وطائفةٌ بأسرار قلوب القوم مناجية لتكون له مقاتلهم على طول الأبد بادية وتغدو منازلهم خاويةً بين سراياه الرائحة والغادية. وليتعاهد أحوال الجيوش بإدامة عرضها وإقامة واجبات القوة وفرضها وإطالة صيت السمعة المشهورة لكماتها في طول بلاد العدا وعرضها وإزاحة أعذارها للركوب وإزالة عوائق ارتيادها للوثوب وإعداد العدد التي لها من أيديهم طلوعٌ وفي مقاتل أعدائهم غروب وليتفقد أحوال الحصون المصونة بسداد ثغورها وسداد أمورها وإزاحة أعذار رجالها وإرهاف همم حماتها التي تضيق على آمال العدا سعة مجالها وتوفير ذخائرها وتعمير بواطنها وظواهرها وتحصين مسالكها التي يرهب الخيال المتولي إلى العيون وليعل منار الشرع الشريف بتشييد مناره وإحكامه وتنفيذه لقضايا قضاته وأحكام حكامه والوقوف في كل أمر مع نقضه في ذلك وإبرامه ورفع أقدار حملة العلم على ما ألفوه من الرفعة والسمو في أيامه. ولتكن وطأة بأسه على أهل الفساد مشتدة وأوامره متقدمةً بوضع الأشياء في مواضعها: فلا توضع الحدة موضع الأناة ولا الأناة موضع الحدة. وليراع عهود الموادعين مهما استقاموا ويجمع عليهم أن يكفوا أنامل بأسه التي هم في قبضتها رحلوا أو أقاموا ولتخبر ألسنة النيران بشبها على اليفاع والآكام من قدم لمكيدة أو طعن بمطار الحمام - وجميع ما يتعلق بهذه المرتبة السنية من قواعد فإلى سالف تدبيره ينسب ومن سوابق تقريره وتحريره يحسب فهو ابن بجدتها وفارس نجدتها ومؤثل قواعدها ومؤثر ما حمد من امتداد عضدها إلى مصالح الإسلام وساعدها فليفعل في ذلك ما يشكره الله والإسلام عليه ويثبت الحجة عند الله تعالى في إلقاء المقاليد إليه وملاك الوصايا تقوى الله وهي سجية نفسه وثمرة ما اجتنى في أيام الحياة من غرسه ونشر العدل والإحسان فبهما تظهر مزية يومه الجميل على أمسه والله تعالى يجعل نعمه دائمة الاستقبال وشمسه آمنة من الغروب والزوال والاعتماد.
|